القائمة الرئيسية

الصفحات

جنة المؤمن في الدنيا هي "القرب من الله"


مدونة محيدب سارة



 أردتُ أن تكون رسالتي فضفضة معكم لعلنا نعبرُ نفسَ النهر ويحملنا نفس القارب ولأنه مهما اختلفتْ ابتلاءاتنا وامتحاناتنا فنحن نرفع أيدينا لله الأحد لا إله إلا هو أحببتُ أن تتوزع بعض المفاهيم في أذهاننا بمكانها المناسب حتى نفهم جميع الحِكم فلا نضيع في متاهات الشك التي تُخَسِرنا الدنيا والآخرة .. وأهم ما لا ندركه أنّ (الله لابد أن يُمْحِصُ ما في قلوبنا) جملة إن فهِمها كل مؤمنٍ في سِياق معناها عُلِقَ له وِسَامُ الصبر والثبات ونال جزاء حُسْنِ ظنه بربه فيجيئه الفرج مهللاً من أوسع الأبواب ..


والآن أسألكَ يا من تقرأ هذه الكلمات هل حالتك تشبه حالة المحصور في قبر؟


تشعر بأنك في قِمة عجزك وضعفك، بلغ بِك سقف الحزن اعتزالك للبشر بمن فيهم عائلتك، تقبعُ وحيدًا بغرفتك منحشرًا في زاويةٍ ما تُحدثُ الله تارةً تدعوه أن يغفر ذنبك ومرة أن يعطيك سُأْلَكْ، ترجوه دائما أن يُخَفِفَ ألمك الروحي بتفريج همك وغمك .. كَثُرَ اللوم من حولك فالظاهر عكس الباطن، لا أحد يعلم ما تعيشه بينك وبين الله، جربتَ أن توضح لهم بأنك لست بخير، أنك لم تعد تقوى على أحاديثهم اليومية وعلى الاهتمام بتفاصيلهم فبادلوك بالعتاب أكثر، في مرة من المرات أردت إنقاذ نفسك من سياط ألسنتهم فأخبرتهم بما يختلج صدرك (أنك تريد العمل ولم تجد ! تريد الزواج ولم تستطع ! تريد ولدًا ولم يأتي بعد ! تريد حياة كريمة وحرية ملموسة فَمُرغ أنفك في التراب ! أن تحقق ذاتك لكنك تعيش ضياعا روحيا ! أن تغفر ذنوب الخلوات لكن نفسك تُيَئِسُكَ من المغفرة ! وغيره وغيره) لستَ بخير وفقط فكانت إجابتاهم دائما ما تأتي صاعقة وجارحة لأنه بباسطة: (الشكوة لغير الله مذلة).
بعدها تشعر بالندم لأنك بُحْتَ بما يوجد في داخلك لغير الله "يا صديقي البشر ليسوا قساة ولكنهم أيضا لم ولن يبلغوا رأفة الله ورحمته" ..


فإن شكوت ألم الحب وفُراق الحبيب جاءتك الردود مستهزئة (أتتألم من أجل امرأة ! أتتألمين من أجل رجل ! يا لكَ من مسكين ! يا لكِ من مسكينة !) ولكن كيف هو رد الله؟ (يداوي جرحك ويجعل قلبك يفيض حُبًا به ثم يعوضك بما هو أحسن).


وإن شكوت شوقك لستر الزواج جاءتك ردود سوداء محبطة (لن تتزوج والمهور في غلاء لن تجد امرأةً صالحة ولن تجدي رجلا صالحًا فقد تلاشوا، بعد الزواج لا يوجد سوى البؤس والشقاء، أنتِ عانس فمن ذا الذي يقبل بكِ، أنتَ فقير ولن تجد امرأة تتزوجك) بينما الله يُيَسِرُكَ للحلال ويرزقكَ أجمل رزق وكما يحب قلبك وعقلك.
وإن شكت امرأة شوقها لكلمة "ماما" أراد النسوة التخفيف عليها فزادوها ألمَا (ماذا تريدين بهم؟ سَيُشَيِّبُون رأسكِ، هكذا أحسن ..) ثم على مرأى من عيناها يَحْتَضِنّ أولادهنّ بينما الله يرى شوقها فيخفف عنها كأن يعوضها بزوج رقيق القلب، أو جارة عاملة تترك فلذة كبدها بين أحضانها لترعاه وبعد أن يجدها صابرة شاكرة يرزقها بأطفال يملئون عشها.


أما ذلك الذنب الذي أرق مضجعك ماذا لو أُزيلَ الستار عنه وفُضِحْتَ أمام الناس؟ فإن حدث ذلك نبذوك وعزلوك ونظروا إليك باحتقار شديد وكأنهم من المبشرين بالجنة وأنت (أبو لهب) فيدفعون بك لكره نفسك أكثر، تتمنى لو قابلوك بأخلاق الصديق الذي قال (لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلاّ ثوبي لأحببتُ أن أستره به) ولكن أين أغلبنا من هذا؟ الأغلبية تحاول صيد الثغرات لخنق المذنب بينما الله يكفي أن تأتيه باكيًا فتقل "يا ربي" ليرد عليك "لبيك، لبيك، لبيك يا عبدي" ثم يغفر ذنبك ويعفوا عنك ويُبَدِل سيئاتك حسنات ويضاعف لمن يشاء..


في كل موقف يَمُرُ عليك يُشْعِرُكَ بالذل والضعف ترجع باكيًا إلى سجادتكَ تخبرُ الله بأنه وحده من يفهمكَ ويستمع إليك بدون ملل بأنه (كل شيء بالنسبة لك).


في النهاية اسمع أيها الحبيب 
كل ابتلاء مع الله يُصْبِحُ أخف وكأنك بداخل نار ابراهيم (نارٌ بلغ لهيبها عنان السماء غذت بردا وسلاما على خليل الله) لهذا لا تستغرب إن شعرت بالغبطة والسرور وأنت في قلب الشدائد.



مدونة محيدب سارة
محيدب سارة 🎈















                                                                  

تعليقات

الفهرس