القائمة الرئيسية

الصفحات

"الصلاةُ" حَبْلُ الوِصَال

 

مدونة محيدب سارة


محيدب سارة

من قبل كانت علاقتي مع صلاة الفجر غير ثابتة وأصل المشكلة في ذلك متشعب ! ولا تحسبوا الوضع متعلقٌ بذنوب من الكبائر ولكن قد تطفوا على السطح أمورا أخرى كالتربية الدينية للطفل، طبعًا لا أقول ذلك كمبررٌ لاستهتاري من قبل ولكن كسردٍ لمؤثراتٍ خارجية لعِبت دورًا كبيرًا فيما كنت عليه وفيما عليه الآن الكثير من الفتيان، دعوني أضرب لكم مثالاً لعلهُ يُقرِبُ لكم ما يختلِجُ صدري:

الصلاة !

عِماد الدين، جميعنا نعلمُ أنّ الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، هذه العبادة التي سنها الله على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج[1] من أعظم العبادات الروحية، بلسمٌ شافي يُبقينَا صامدين في وجهِ منغصاتِ الدنيا، عبادة تنهى عن الفحشاء والمنكر وحبلَ وصالٍ بين الله وعبده، تهذّب خلقه ويمحو بها الذنوب وهي أول ما يحاسب عليها العبد يوم القيامة[2].


مدونة محيدب سارة

لهذا فالصلاة من أهم عبادات المسلم، كيف إذن اهتم بها آباءنا؟ وهل استطاعوا حمايتنا من الوقوع في فخٍ كبير يجعلُ من الصلاة عادة وحركات رياضية لا غيْر؟ حتى أنّ العبد يدركُ الركعة الأخيرة مع الإمام ومعهَا يُدرك مداخيل محله التجاري طيلة شهر ! أو أنّ البعض يصلي استحياءً من أقرباءه في المناسبات أو رهبةً من عِقاب الآباء، والإحتمالات كثيرة لا تُعَدُ ولا تحصى ليبقى الإلتزامُ والخشوع في الصلوات مسألة تأرِق معظمنا ولا يقف عندها من تبقَ، والقصدُ من هذا المثال الحديث عن تعلم معنى الإحسان في العبادات بأن تستكمل شروطها وأركانها، سننها وآدابها، يقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك"[3] هذا بالضبط ما يجب أن يرسخ في أذهاننا ويذوب عسلاً في قلوبنا، تعلم الحياء من الخالق وليس الخوف من المخلوق.

يُفترض على الآباء ترك أنفسهم في مجال مراقبة الأبناء، جعل غايتهم تعليم أولادهم (الصلاة بحب) وذلك لن يكون بدون استمالاتٍ عاطفية وعقلية تتبلور في حوارات مطولة حسب عقولنا اللينة والمهيأة فطريًا للتلقي في تلك السن اليافعة جدًا (تدريجيًا ابتداءً من بلوغ ثلاث سنوات) ..

 

"على المسلم أن يسلك هذه الحياة وفق قواعد السلوك الإسلامي الصحيح وأن يكون ذلك في وقت مبكرٍ جدًا"

( فإن الله ينصب وجهه للمصلي حتى يفرغ ) 


أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن الصلاة:

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصَّلَاةُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُنَّ، ما لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ، فيُتِمُّ الطُّهُورَ الذي كَتَبَ اللَّهُ عليه، فيُصَلِّي هذِه الصَّلَواتِ الخَمْسَ، إلَّا كانَتْ كَفّاراتٍ لِما بيْنَها) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 231، صحيح.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 228، صحيح.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 667، صحيح.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فيُحْسِنُ الوُضُوءَ فيُصَلِّي صَلاةً إلَّا غَفَرَ اللَّهُ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الصَّلاةِ الَّتي تَلِيها) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 227، صحيح.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً) رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن وبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم: 488، صحيح.

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألَا أَدُلُّكم على ما يُكفِّرُ اللهُ به الخَطايا، ويَزيدُ به في الحَسَناتِ؟" قالوا: بَلى يا رسولَ اللهِ، قال: "إسباغُ الوُضوءِ على المَكارِهِ، وكَثرةُ الخُطا إلى هذه المساجِدِ، وانتِظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، ما منكم من رجُلٍ يَخرُجُ من بيتِه مُتطهِّرًا فيُصلِّي مع المُسلِمينَ الصَّلاةَ، ثُم يَجلِسُ في المَجلِسِ يَنتظِرُ الصَّلاةَ الأخرى، إنَّ الملائكةَ تقولُ: اللَّهُمَّ اغفِرْ له، اللَّهُمَّ ارحَمْه، فإذا قُمْتم إلى الصَّلاةِ فاعدِلوا صُفوفَكم، وأَقيموها، وسُدُّوا الفُرَجَ؛ فإنِّي أَراكم من وَراءِ ظَهري، فإذا قال إمامُكمُ: اللهُ أكبرُ، فقولوا: اللهُ أكبرُ، وإذا ركَع فارْكَعوا، وإذا قال: سمِع اللهُ لمَن حمِده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ) رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 10994، صحيح.

قال أبو القاسم الشابي في الصلاة:

صلِّ يا قلبي إلى الله فإنّ الموتَ آتٍ     صلِّ فالنازعُ لا تبقى له غيرُ الصلاةِ

قال أبو العتاهية:

أقِمِ الصلاةَ لوقتِها بشروطِها     فمِنَ الضّلالِ تفاوتُ الميقاتِ
وإِذا اتّسعتَ برزقِ ربِّكَ فاتخذْ    منه الأجَلَّ لأوجهِ الصّدقاتِ


 


[1]  حادثة الإسراء والمعراج: معجزةً إلهيَّة أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمداً عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر، إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس على ظهر دابة يقال لها البراق، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى ليريَهُ من آياتِهِ الكبرى، وفي هذه الحادثة فرضت الصلاة على المسلمين.

[2]  يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ).

[3]  رواهُ البخاري.




                                                                            

تعليقات

الفهرس